الاحتكام إلى المجلس الثوري لحركة فتح
بقلم : حمادة فراعنة
لم أر حركة سياسية تجيد الانتحار كما هي حركة فتح، ولم أشهد أذكى من أعضاء قياداتها في قدراتهم على التصويب على انفسهم، تماماً كما هم اعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح، كما لا يوجد فصيل سياسي فلسطيني لديه الانسجام السياسي الداخلي كما هو متوفر لدى حركة فتح، بنفس القيمة التي يتوفر لديها التوافق السياسي، يتوفر الكره والحسد الشخصي وتنازع المصالح فيما بينهم، كأنهم ورثة يختلفون على الميراث، مع ان تركة اللجنة المركزية هي الحزن والدموع والمسؤولية والهموم الوطنية، وخسارة الضحايا في اعناقهم اذا لم يحقق المشروع الوطني الفلسطيني اهدافه في اجتثاث الظلم عن فلسطين وشعبها ومقدساتها.
ولم اسمع عن حركة سياسية تسعى بوعي وتصميم لتدمير ذاتها، وتسير الى حتفها مفتوحة الأعين كما تفعل قيادة حركة فتح في استنزاف نفسها وطاقاتها من خلال صراعاتها الداخلية الذاتية لاسباب ودوافع شخصية غير سياسية، وكأنها بلا عدو يحتل أرضها ويغتصب حقوقها ويشرد نصف شعبها، او كأنها بلا خصوم ينتظرون اعلان هزيمتها وموتها لوراثتها.
ولم اسمع ولم أر ولم أقرأ عن حركة سياسية، لم تجتمع ولو لمرة واحدة، لتقييم إخفاقاتها في المفاوضات مع العدو الاسرائيلي لتحديد أين وصلت المفاوضات وما هي العقبات التي حالت دون تحقيق النتائج المطلوبة، وما الذي حققته حتى يومنا المحسوب هذا، كما حصل مع حركة فتح؟؟.
ولم اسمع ولم أر ولم أقرأ عن حركة سياسية تعرضت الى سلسلة من الهزائم المتكررة على أيدي خصومها السياسيين، سواء في الانتخابات البلدية عام 2005 او في الانتخابات البرلمانية 2006، وامام الانقلاب الحمساوي 2007، وفي مواجهة حرب الرصاص المصهور الاسرائيلية عام 2008 و2009 على قطاع غزة ومن قبلها حرب السور الواقي على الضفة الغربية، ولم تجتمع لتقييم اسباب ودوافع الهزائم وكيفية الخروج منها، كما فعلت حركة فتح، حيث لم تجتمع، ولم تقيم ولم تستخلص الدروس والعبر، كي تتعلم من هزائمها، كيفية النصر على عدوها الاسرائيلي وعلى خصمها الحمساوي، وبالمناسبة اسرائيل منعت مظاهر الاحتجاج الفلسطيني في ذكرى النكبة في مناطق 1948، أي في الجليل والمثلث والنقب، مثلما منعت حركة حماس في قطاع غزة فصائل المقاومة الاخرى من مظاهر التذكير بمرور 61 سنة على النكبة، خشية ان تتحول مظاهر الاحتجاج الفلسطيني على النكبة الى مظاهر ضد الانقلاب وتداعياته وعلى اسلوب تعامل حماس مع القوى السياسي الفلسطينية كالجبهتين الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب وغيرها!!.
حركة فتح، كانت عظيمة في مبادراتها الكفاحية والسياسية والوطنية، قادت الشعب الفلسطيني من الاحباط والهزيمة والنكبة والنكسة، الى النضال والثورة، واستعادة زمام المبادرة في تمثيل هذا الشعب ووضع حقوقه على طاولة المفاوضات والاهتمامات الدولية وجعلها قابلة للحياة والتطبيق، كانت عظيمة ولا تزال وها هم طلبتها يفعلونها في انتخابات مجالس طلبة الجامعات الفلسطينية في العام 2009، كما فعلوها في انتخابات مجالس طلبة الجامعات طوال عام 2008، والطلبة هم الفئة العمرية الاكثر حيوية ونشاطاً في الشارع وبين مسامات المجتمع، والطلبة هم قادة المستقبل.
شبان اليوم، قادة المستقبل، الفتحاويون في فلسطين، في الجامعات، بوضوحهم وانحيازهم، وفي نتائج انتخاباتهم واهتمامهم، لم يهزموا الاحتلال فقط، ولم يهزموا الانقلاب فقط، بل هزموا قادتهم الانانيين المتشبثين بالسلطة والمراكز.
أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح عليهم أن يرحلوا ليستريحوا بحب واحترام مثل كل المتقاعدين المدنيين والعسكريين الذين حصلوا على حقوقهم التقاعدية، بكرامة وتأمين معاش وتاريخ مشرف.
مؤتمر فتح، مكان انعقاده، موعده، وخلاصة عمل لجنته التحضيرية، يجب أن يكون أمام المجلس الثوري، وهو الذي يقرر، فهو لا يزال العقده المركزية. فعليهم إذاً أن يحتكموا إلى هذا المجلس ليكون صاحب القرار الفصل بكل ما يتعلق بمكان وزمان انعقاد المؤتمر العام المقبل لحركة فتح، هذا هو المخرج المنطقي والعقلاني والشرعي والرسمي للخروج من المأزق الذي وقعت فيه حركة فتح لأن قيادتها تجيد الانتحار واطلاق النار على نفسها في حين عليها أن تحترم مكانتها وتراثها ولا تقدر قيمتها وموقعها ورهان الشعب الفسطيني على دورها في مواجهة الاحتلال وفي مواجهة الانقلاب.
جريدة الايام
الإثنين أغسطس 17, 2009 11:24 am
